امرأة تهزم السرطان.. إطلاق مبادرة "جرعة أمل" لدعم المصابات في العراق

امرأة تهزم السرطان.. إطلاق مبادرة "جرعة أمل" لدعم المصابات في العراق
العراقية إيناس البدران

واجهت إيناس البدران، الشابة العراقية من مدينة البصرة، تجربة قاسية حين اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي، فخاضت رحلة علاج طويلة امتدت لأشهر بين العمليات والعلاج الكيميائي. 

غير أن تلك التجربة التي هزّت كيانها، تحولت إلى قصة إلهام وبذرة أمل زرعتها في نفوس آلاف النساء من خلال مبادرتها التي أطلقت عليها اسم "جرعة أمل"، والتي تهدف إلى دعم المريضات نفسيًا ومعنويًا، وتشجيع النساء على الفحص المبكر ومواجهة المرض بشجاعة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الخميس.

وتقول البدران واصفة لحظة تلقيها الخبر: "كان القرار الأصعب في حياتي هو إجراء العملية، لم أكن أتخيل أن أستعيد ذاتي بعد استئصال جزء مني، ولا أن يعود شعري أو صحتي كما كانت. لكني قررت ألا أستسلم".

وتضيف أن أكثر ما أعانها على تجاوز المحنة كانت والدتها، التي وصفتها بأنها "سندي الحقيقي والدافع الأكبر للاستمرار".

فكرة "جرعة أمل"

انطلقت فكرة المبادرة من لحظة خوف حقيقية، عندما كانت البدران تستعد لتلقي أول جرعة علاج كيميائي

وتروي قائلة: "كنت خائفة بشدة، ثم خطرت لي فكرة أن أغيّر نظرتي للجرعة، فهي ليست مادة قاتلة بل وسيلة للحياة. قررت أن أسميها (جرعة أمل) بدلًا من (جرعة كيميائي)، لأحوّل الألم إلى طاقة إيجابية".

وتشير إلى أن كلمات الممرضات المشجعة ودعم النساء اللاتي سبقنها في رحلة العلاج، منحها القوة لتكمل الطريق. 

وتضيف: "حين سمعت قصص النساء اللاتي تعافين من السرطان، شعرت أن هناك حياة بعد المرض، وأن مشاركة التجارب يمكن أن تنقذ أرواحًا أخرى. ومن هنا بدأت الفكرة تتحول إلى مبادرة حقيقية".

رسالة دعم وتثقيف

توضح البدران أن الهدف الأساسي من مبادرة "جرعة أمل" هو رفع الوعي لدى النساء بأهمية الفحص المبكر لسرطان الثدي، وتشجيعهن على كسر حاجز الخوف من مواجهة الحقيقة. 

وتقول: "كثير من النساء يرفضن الفحص خوفًا من النتيجة، لكن تأخير التشخيص قد يكون قاتلًا، حين نكتشف السرطان مبكرًا، يكون العلاج أبسط ونسبة الشفاء تتجاوز 90%".

كما أطلقت لاحقًا مبادرة مكمّلة بعنوان "اسأل مجرّب"، تعتمد على مبدأ تبادل الخبرات بين الناجيات والمصابات الجدد، لإيصال رسالة مفادها أن الأمل والوعي هما أولى خطوات الشفاء. 

وتحرص البدران على زيارة المستشفيات وقاعات العلاج الكيميائي لتلتقي بالمريضات وتشاركهن تجربتها بكل صدق، مؤكدة أن كلمات الأمل يمكن أن تكون "علاجًا موازياً للأدوية".

بين التعاطف والدعم

انتقدت البدران نظرة المجتمع السلبية تجاه مرضى السرطان، قائلة: "غالبًا ما يواجه المريض كلمات مليئة بالشفقة أو الحزن، بدلاً من الدعم الفعلي، أحيانًا البكاء أمام المريضة يزيد من ألمها بدل أن يخفف عنه".

ودعت المجتمع إلى أن يكون أكثر وعيًا في التعامل مع المريضات، مشددة على أن الدعم الحقيقي لا يكون بالكلام فقط، بل بالفعل أيضًا، مثل مساعدتهن في أعمال المنزل أو توفير احتياجاتهن أثناء فترة العلاج، أو حتى منحهن لحظات من الفرح بكلمة إيجابية صادقة.

وجّهت إيناس رسالة قوية إلى النساء، قالت فيها: "السرطان ليس نهاية العالم، يمكنكِ أن تواجهيه وتتعافي منه، بشرط أن تكتشفيه في الوقت المناسب، الفحص المبكر هو مفتاح النجاة الحقيقي".

وأضافت أن نسب الشفاء من سرطان الثدي قد تصل إلى 99% في مراحله الأولى، مؤكدة أن المرض يمكن أن يتحول إلى "تجربة قوة" لا إلى "نهاية مأساوية"، إذا ما وُوجه بالوعي والإصرار.

الجيل الثاني من الأمل

وفي ختام حديثها، استعرضت البدران تفاصيل مبادرتها الجديدة "اسأل مجرب" التي أطلقتها في شهر أكتوبر، شهر التوعية بسرطان الثدي، ضمن حملة "جرعة أمل"، وتهدف إلى نقل التجارب الواقعية للمتعافيات عبر لقاءات مباشرة ومحاضرات توعوية، سواء في القاعات أو عبر الإنترنت.

وتخطط إيناس لتنظيم ندوات تثقيفية وورش عمل ولقاءات نسائية تجمع بين المريضات والناجيات والأطباء والمتخصصين النفسيين، في محاولة لصناعة فضاء داعم تتلاقى فيه الخبرة مع الأمل. 

وتختم بقولها: "قد يكون السرطان قاسيًا، لكنه لا ينتصر على الإرادة. فكل جرعة علاج يمكن أن تكون بداية حياة جديدة، إذا اخترنا أن نراها كجرعة أمل".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية